Translate

الاثنين، 25 نوفمبر 2019

الغنم والكلاب...قصة قصيرة




الغنم والكلاب...قصة قصيرة


عبد السلام  , يحب مهنة رعي الأغنام , ورغم أنه لم يمارس هذه المهنة  قط إلا أنه دائم التشدق بأنه خبير دولي في الأغنام  وأن أمه ولدته في مراعي أثيوبيا !


ذات يوم جاء رجل حسن الهيئة اسمه عبد الخشبة ,رأي في عبد السلام بلاهة لا تخطئها العين , فتحسس شاربيه بسبابته ثم دخل عليه وقال :

تشتري مني هذه الشاة ؟

أعجبت الشاة عبد السلام المولع بالأغنام , واشتراها . وضع عبد الخشبة المال في جيبه وانصرف مسرعا بسيارته وهو يتبسم ابتسامة توم عندما يصنع فخاً لجيري, لم يكن ما باعه لذاك الأخرق سوى كلب !  نعم كلب !

عبد السلام اشترى كلباً وهو يظنه شاة ! خدعه عبد الخشبة وباعه كلبا مستغلاً حماقته.

لما انصرف عبد الخشبة قال في نفسه :

هذا الأخرق , لم يدر بأنه اشترى كلبا , فلماذا لا أخدعه مرة أخرى وثانية وثالثة ؟

في صبيحة اليوم التالي , جاء عبد الخشبة بسيارة ملآنة كلاباً ! , ثم دخل على عبد السلام ورمى عقب سيجارته بعد أن انتزعه انتزاعا من بين شفتيه المكتنزتين بالسواد, وقال :

صباح الفل على الخبير الدولي, عندي عربية كلاب , إحم إحم , أقصد عربية غنم , تحب تشتري ؟ والسعر سبيشيال !

اشترى عبد السلام سيارة الكلاب ظناً منه بأنها أغنام !

مضى عبد الخشبة لحال سبيله , ولم ير عبد السلام وجهه بعد ذلك أبداً,  وضع عبد السلام الغنم داخل حظيرة مغلقة , ثم ذهب للنوم .

وضع عبد السلام إحدى قدميه على الأخرى فوق ذاك السرير النحيل الذي تعلوه مرتبة أكل عليها الدهر وشرب , وبعد ان استغرب من تلك الخطوط الجافة  الموجودة على ساقيه ناسيا بأنه لم ينظف نفسه بعدما قضى حاجته  في الخلاء كعادته دائما , قال في نفسه :

سأدعو أقاربي لأتباهي بقطيع الأغنام أمامهم .

وقد كان , ففي الصباح جاء أقارب عبد السلام , وجلسوا في حوش الحظيرة , أما عبد السلام فقد وقف أمام باب الحظيرة وقرر أن يخرج لهم خروفا خروفا لا أن يريهم  القطيع كاملا دفعة واحدة , هكذا شعر بأنه سيستمتع أكثر , نظر إليهم وقال :

الآن سأسحب الخروف الأول من الداخل وأريكم إياه .

وقد كانت المفاجأة ," ما هذا ؟  هذا كلب أيها الأحمق !"

نزلت كلمات الأقارب على عبد السلام نزولاً ذكره بيد معلمه الثقيلة  أيام المدرسة حين كان يستعمل قفا عبد السلام كمفركة يفرك فيها يديه أيام الشتاء !

صعق عبد السلام , وتلعثم , ونزل لعابه على ذقنه , في الواقع كان نازلاً قبل ذلك باستمرار , عفواً أظن الذي كان نازلا قبل ذلك مصدره أنفه, الذي يبدو لي أنهما شيئان نازلان , ثم إن ما ينزل من أنفه مع ما يخرج من فمه مع خطوط البول الجافة على ساقيه شكلت صورة لعبد السلام تلائم تلك البلاهة التي حفرت لنفسها بأظافرها مكاناً دائماً في وجهه.

استجمع الرجل قواه , وقرر أن يريهم خروفا ثانيا , فأدخل يده في الحظيرة وسحب خروفا ثانيا من أذنيه , وكانت الصاعقة مجددا , إنه كلب وليس خروف , هكذا صرخ أقاربه للمرة الثانية .

أخرج لهم عبد السلام كل ما في الحظيرة , وصعق لما عرف بأن جميع ما عنده كلاب .

ودعه أقاربه بعدما بصقوا عليه, ثم أعطوه صورة لخروف حقيقي , وقالوا له :

عزيزنا عبد السلام , هذه صورة لخروف حقيقي , عندما تشتري شيئا له أذنين مجددا فانظر هل يشبه ما في الصورة أم لا , حتى لا تخدع مرة أخرى .

الذي حدث أن صورة الخروف الأصلي ضاعت من عبد السلام , ومضى زمن طويل , حتى نسي عبد السلام الصورة ,وجاءه عبد الخشبة مرة أخرى , وأين سيجد مغفلاً أحسن من هذا , وعرض عليه كلباً مرة أخرى !!

لكن هذه المرة مع بعض التغييرات , فقد قرر عبد الخشبة أن يبيعه كلبا أجمل من باقي الكلاب السابقة , كلبا مدرباً جيداً , وفي عنقه طوق جميل , وعضلاته قوية .

لما رأى عبد السلام عبد الخشبة قال له :

انصرف عني أيها المخادع لا أريد منك شيئا ً مجددا ً

لكن ذكاءه الألمعي جعله يبتلع ريقه ويهرش في شعره ويفكر في نفسه ويقول :
" ولكن هذا لا يشبه الكلاب السابقة , بالتأكد هو خروف , إنه أجمل من الكلاب السابقة ويختلف عنها كثيرا في اللون الحجم والنظافة , إنه خروف "


واشترى عبد السلام الكلب مرة أخرى !!!

ملاحظة : لفظة الكلب في الجملة الأخيرة تصح وصفاً لعبد السلام ووقتها تعرب " صفة منصوبة" وفي نفس الوقت تصح أن تعرب مفعولا به .

.....

- عبد السلام الذي تجتمع في وجه إفرازات أنفه وفمه ولا يستبرئ من بوله = المسيحي المتشبث بالنص السكندري
- عبد الخشبة = الرمال
-الكلاب= المخطوطات المكتشفة
-الكلب الجميل = النص السكندري
-أقارب عبد السلام = علماء النقد النصي .

بالرغم من أن النقاد النصيين أكدوا للمسيحي أن المخطوطات التي اكتشفت مزورة ( النص البيزنطي والنص الغربي يشكلون معا 99% من مخطوطات العهد الجديد, وهما مزورتان في وجهة نظر المؤمن بالنص السكندري), رغم إدراكه بأن الأمة المسيحية استغفلت طيلة 1500 سنة وتبنت نصوص مزورة , لأن النص البيزنطي والغربي هما المهيمنان على العالم منذ 1500 سنة ,إلا أنه مازال يثق في مكتشفات الرمال !  وما زال يثق في قدرة نفسه وقدرة أمته المسيحية على المحافظة على نص صحيح !

كيف تثق في النص السكندري وتعتبره هو الأصل وأنت اكتشفته في الرمل ولا تملك صورة الأصل حتى تقارنه به ؟

أليس من الوارد أن تكون الأمة المسيحية التي استغلفت مرتان ( بيزنطي وغربي) استغفلت مرة ثالثة ( نص سكندري )؟


بعضهم لديه ولع بالبردية 75  والفاتيكانية , يعتبر نصهما أفضل النصوص , وهذا يعني أنه اعترف بثلاث عمليات تزوير ( تنقيح) :

1- النص الغربي مزور .,,,أكثر من نصف مخطوطات العهد الجديد
2-النص البيزنطي مزور....90% من المخطوطات اليونانية , و تقريبا 100% من مخطوطات العهد الجديد من بعد القرن الثامن .
3- المخطوطات السكندرية الأخرى غير الفاتيكانية والبردية 75 مزورة , (لأن تلك السكندريات الأخرى تخالف التحالف المذكور في الكثي رمن القراءات فلابد أن يكون الثاني مزور طالما الأول صحيح).

وبالتالي فهو لم يعد يدافع عن مخطوطات العهد الجديد ....بل أصبح يدافع عن مخطوطتين فقط من إجمالي 22 ألف !!

هو أصبح يدافع عن المربع الأخضر الفاتح الصغير في الصورة , بعد أن اعترف بأن كل محيطه مزور , وأنا أقول :

[[ كيف سنثق فيما يقدمه لنا عبد الخشبة (الرمل) , وفيما تقدمه لنا أنت يا من استغفلت 3 مرات (عبد السلام , المسيحيون), أليس من الوارد أن تكون هاتين المخطوطتين مجرد كلب وإن كان أفضل من الباقين ؟]]




الاثنين، 7 أكتوبر 2019

اقتباسات معدلة

اقتباسات معدلة

لوقا 1: 50

في الرابع من الشهر الجاري 4/ 10  نشر إيليا هيكسون مقالا بعنوان:
( مثال لكيف أن الإصدارات الأقدم يمكن أن تضللنا فيما يتعلق بالاقتباسات الآبائية
 An example of how older editions mislead us about patristic citations)
وذلك على موقع (Evangelical Textual Criticism ) الشهير .
أراد أن يوضح فيه كيف أن الإصدار الأقدم لرسالة ذهبي الفم لأولمبيا الصادرة عن سلسلة الآباء الشهيرة SC أدت لنتائج مضللة بخصوص بعض الاقتباسات , ونفس الشئ في تفسير أوريجانوس للمزمور رقم 119.

مما يمكن الاستفادة منه من هذا المقال , وهو الشئ الذي لم يتكلم عنه هيكسون , أنه إذا وجد نص ما في العهدين القديم والجديد معا , ثم اقتبس أحد الآباء النص بصورته من العهد القديم فإن النساخ كانوا يقومون بتغيير اقتباسات الآباء من العهد القديم لجعلها توافق شكل النص في العهد الجديد!


·       مزمور 119: 90

90إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ أَمَانَتُكَ. أَسَّسْتَ الأَرْضَ فَثَبَتَتْ (الفانديك)
90وأمانَتُكَ إلى جيلٍ فجيلٍ. كوَّنْتَ الأرضَ فهيَ ثابتةٌ.( المشتركة)


عبارة (جيل فجيل = دور فدور)

اقتبس أوريجانوس هذا النص بصيغة المفرد من عبارة ((εἰς γενεὰς καὶ γενεὰς )) والتي تعني (من جيل إلى  جيل) وذلك في تفسير أوريجانوس للمزمور 119 وفقا للإصدار الذي أصدرته هيئة   TLG  بعنوان (Origenes,fragmenta in psalmos 1-150[Dub.].[2042.044] ).

لكن وفقا للإصدار الذي أصدرته سلسلة كتابات الآباء الفرنسية الشهيرة (the Sources chrétiennes series)= (SC) لنفس التفسير فقد اقتبسه بصيغة ( جيل الأجيال εις γενεας γενεων ) .

إذن :
TLG ذكرته بصيغة= (جيل إلى جيل)
 SCذكرته بصيغة = ( جيل الأجيال)

مصطلح ( جيل الأجيال) موجود في العهد الجديد في لوقا 1: 50

 (وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ )

ولكن هنا أيضا تختلف مخطوطات العهد الجديد إلى 4 أشكال :

-        القراءة الأولى ( جيل الأجيال εις γενεας γενεων )
A C2 D(*).1 K Γ Δ Θ 33 𝔪 (a b c) syh
-        القراءة الثانية ( جيل وجيل εις γενεαν και γενεαν )
א Ψ ƒ1.13 579. 700. 1424. 2542. l 2211 it

-        القراءة الثالثة ( من جيل في جيل απο γενεας εις γενεαν)
565. 1241 (vgcl) sa
- القراءة الرابعة ( من أجيال  إلى  أجيال εἰς γενεὰς καὶ γενεὰς )
B C* L W Ξ vg syp bo

القراءة الأولى هي الموجودة في نسخة النص المستلم (أي النسخة الشائعة في أيدي المسيحيين)
القراءة الرابعة هي القراءة المختارة كقراءة صحيحة بواسطة النسخ النقدية.




فهل تم تغيير الاقتباس عند أوريجانوس ليوافق الصيغة المذكورة في لوقا ؟

هل نحن أمام عملية تغيير متعمدة من النساخ لاقتباس أوريجانوس ليجعلوه موافقا لنص لوقا ؟

الإجابة وبشكل قاطع : نعم !

هذا الأمر يبدو غريبا للغاية , إذ أن المعتاد دائما هو :  عندما يقتبس الاب نصا ما من العهد الجديد بشكل ما , ثم يجد الناسخ أن هذا الشكل مخالف لنسخة العهد الجديد التي في كنيسته أو منطقته الجغرافية فإن النساخ غالبا ما كانوا يقومون بتغيير اقتباسات الآباء من العهد الجديد التي تخالف النسخ المنتشرة في بيئتهم – النساخ- بحيث يصبح شكل النص موافقا لما عندهم.  لكن في هذا المثال تطور الأمر وأصبح يشمل حتى اقتباسات العهد القديم التي لا دخل لها في العهد الجديد , مجرد أن الناسخ رأي  صيغة في العهد القديم وأخرى في العهد الجديد قام بتغيير اقتباس الأب له بحيث يصبح موافقا للعهد الجديد ! هل هذا هو سبب التغيير بالفعل؟


سوف يساعدنا في فهم الأمر أن نعرف أن نفس الشئ تكرر في حق يوحنا ذهبي فم , نفس المثال بنفس التفاصيل , ففي إصدار هيئة  ( خزانة الأدب اليوناني The Thesaurus Linguae Graecae® (TLG®)) , في رسالة ذهبي الفم لأولمبيا اقتبس النص بصيغة الجمع (εἰς γενεὰς καὶ γενεάς من أجيال إلى أجيال )

لكن في إصدار  سلسلة SC لنفس الرسالة نجد الاقتباس أصبح ( من جيل إلى جيل εἰς γενεὰν καὶ γενεάν).
وقد أوضحت سلسلة SC في الهامش أن مخطوطات رسالة ذهبي الفم منقسمة فيما بينها , فبعضها يقرأ بقراءة الإفراد والبعض بقراءة الجمع .


هنا تغير الاقتباس عند ذهبي الفم أيضا , لكن لم ينتج نصا مطابقا لقراءة لوقا الحالية إنما أنتج نصا مطابقا للقراءات الأخرى للوقا الواردة في المخطوطات .

لا يمكن أن نجد تفسير منطقي لهذا التصرف سوى أن النساخ قاموا بتغيير اقتباس أوريجانوس وذهبي الفم ليوافق الشكل الموجود في لوقا 1: 50 كما هو عند كل مجموعة منهم , فالنساخ الذين تقرأ نسختهم للوقا 1: 50 بقراءة ( جيل الأجيال ) غيروا اقتباس أوريجانوس ليوافق هذ الشكل , النساخ الذين تقرأ نسختهم للوقا 1: 50 بقراءة( جيل إلى جيل) غيروا اقتباس ذهبي الفم ليوافق شكل النص في نسخهم .

في تفسير أوريجانوس للمزمور رقم 118
في الإصدار الخاص بالمزمور رقم 118 (119 في السبعينية) الصادر عن هئية ( خزانة الأدب اليوناني The Thesaurus Linguae Graecae® (TLG®)) ,نجد أوريجانوس قد اقتبس النص بالصيغة الفردية (( من جيل إلى  جيل εἰς γενεὰς καὶ γενεὰς ))



Origenes,fragmenta in psalmos 1-150[Dub.].[2042.044]


لكن في تفسير أوريجانوس للمزمور رقم 119 الصادر حديثا عن سلسلة " المصادر المسيحية Sources chrétiennes series" الشهيرة  بعنوان :
(Origen’s commentary on Psalm 119)


نجده قد اقتبس المقطع بنفس صيغته في النص الحالي البيزنطي للعهد الجديد وهي :
( جيل الأجيال εις γενεας γενεων )



the Sources chrétiennes series (henceforth, SC). The citation of Origen comes from a catena on Psalm 119(118). Harl, Marguerite, ed. La chaîne palestinienne sur le Psaume 118 (Origène, Eusèbe, Didyme, Apollinaire, Athanase, Théodoret): Tome I. Introduction, texte grec critique et traduction. Sources chrétiennes 189. Paris: Cerf, 1972.


صورة الاقتباس عند ذهبي الفم وفقا لسلسلة SC


Malingrey, Anne-Marie, ed. Jean Chrysostome: Lettres à Olympias. Sources chrétiennes 13. Paris: Cerf, 1947.



والحمد لله رب العالمين

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2019

هوية النص السرياني القديم


هوية النص السرياني القديم 

تحميل المقال 
هنا


ما هي العائلة النصية التي كانت منتشرة في سوريا في القرون الأربعة الأولى ؟
فائدة الإجابة على هذا السؤال هو تحديد تاريخ البشيطا , والبشيطا هي نسخة مجهولة الهوية للعهد الجديد باللغة السريانية , تعود للقرن الخامس الميلادي وفقا لرأي الأغلبية الساحقة من علماء النقد النصي .
فائدة تحديد تاريخ البشيطا هو إثبات وجود أو عدم وجود أي شاهد مبكر للنص البيزنطي (العائلة البيزنطية ), العائلة البيزنطية هي إحدى عائلات مخطوطات العهد الجديد, حيث أن مخطوطات العهد الجديد مختلفة فيما بينها اختلافات كثيرة ومتجذرة بحيث أن كل منطقة كان لها النص الخاص بها , تنقسم المخطوطات لأربع عائلات ( السكندرية , الغربية , البيزنطية , القيصرية).
النص المطبوع المنتشر في أيدي المسيحيين الشرقيين هو نسخة الفانديك , وهي نسخة ترجمت من النسخة اليونانية التي أعدها إيرازموس في القرن السادس عشر والمسماة بالنص المستلم , وكان إيرازموس قد اعتمد على 5 مخطوطات من الكتلة Kr من العائلة البيزنطية .
وبناءا عليه فلو ثبت أن العائلة البيزنطية متأخرة زمنيا , أي مخترعة في زمن متأخر - وهو رأي الأغلبية الساحقة بالفعل من علماء المخطوطات " إجماع كوني universal consensus  "- ,وقتها يصبح النص الحالي للعهد الجديد مزور مخترع .
المدافعون عن النص البيزنطي على قلتهم قسمان , القسم الأول هو من علماء النقد النصي والقسم الثاني هو من الشباب المتحمس أو من اللاهوتيين لكنهم ليسوا من المتخصصين , ليسوا نقادا نصيين .
بخصوص القسم الأول فليس فيهم أحد يدافع عن النص المستلم الحالي , فبالرغم من أنه متعتمد على النص البيزنطي إلا أن البزانطة أنفسهم يرونهم أسوأ وأردأ من أن يمثل النص البيزنطي – الذي هو نفسه أردأ العائلات النصية -  فالمناصرون للنص البيزنطي حين يدافعون عنه يوصون بضرورة تنحية النص الحالي جانبا وتبني نص آخر يسمى نص الأغلبية البيزنطي .
هذا القسم لا يستعمل البشيطا في الدفاع عن النص البيزنطي , لكن الذين يستعملونها هم القسم الشعبي لو جازت التسمية من المدافعين .البشيطا نص بيزنطي في الأناجيل الأربعة , لكنها نص غربي في باقي أسفار العهد الجديد ال22 , فالبشيطا تحذف خمسة أسفار .
ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر نظرية مشهورة اكتسحت مجال النقد النصي بالكامل تسمى " نظرية ويستكوت وهورت " , ملخص هذه النظرية أن العائلة البيزنطية هي أردأ العائلات النصية وتكونت متأخرا في القرن الرابع على يد لوسيان الأنطاكي , والأدلة على هذه الأمر خمسة , أربعة ذكرها ويستكوت وهورت والخامس يحتج لهما به, ومن أهم هذه الأدلة هو :
أنه لا توجد مخطوطة واحدة تحتوي على النص البيزنطي قبل المخطوطة السكندرية في القرن الخامس , في حين أن باقي العائلات النصية لها مخطوطات تشهد لها من قبل القرن الخامس.

لهذا إذا كانت البشيطا من القرن الثاني , فنظرية ويست كوت وهورت تسقط , وأصالة النص الحالي في خطوطها العريضة  ستعود في الأناجيل الأربعة على الأقل إلى القرن الثاني – وليس باقي الأسفار- لكن إذا كانت من القرن الخامس , وهي بالفعل كذلك , فإن نظرية ويست كوت وهورت باقية , ورداءة العائلة البيزنطية مازالت ثابتة .

تأخر تاريخ البشيطا هو أمر متفق عليه منذ بداية القرن العشرين مع اكتشاف المزيد من المخطوطات وتطور علم النقد النصي .
فمثلا , جورج لمسا صاحب إحدى أشهر النسخ المطبوعة للبشيطا , نسخة lamsa , والذي يتبني الرأي القديم الذي كان يتبناه علماء القرن التاسع عشر  القائل بأن البشيطا ترجع للقرن الثاني , يصرح بإجماع العلماء على أن البشيطا ترجع للقرن الخامس فيقول:

"سأضع الملح على الجرح , الإجماع العلمي منعقد بأن البشيطا ....ترجمت من اليونانية بواسطة رابيولا أسقف الرها ما بين عامي 412- 435م"

"To add insult to injury, scholarly consensus holds that the Peshitta was translated from the Greek by Rabulla, the bishop of Edessa from 412-435 AD."[1]
ويقول بروس متزجر:

] بخصوص العهد الجديد، فإن عملية إنتاج البشيطا من السريانية القديمة بدأت ربما في أواخر القرن الرابع ،ويبدو أنها استمرت على أقصى تقدير إلى زمن رابيولا أسقف الرها (411- 435 م).[
[As for the New Testament, the process of producing the Peshitta version from the Old Syriac probably began before the end of the fourth century and seems to have been completed no later than the time of Rabbula, bishop of Edessa (A.D. 411–35)][2]

وتقول موسوعة النقد النصي :
( تاريخ البشيطا غير معروف ولكنها غالبا كتبت في القرن الرابع ويصعب أن تكون كتبت بعد ذلك ).

The earliest Greek witness to the Byzantine text is the uncial A, of the fifth century. The Peshitta Syriac is also largely (though not overwhelmingly) Byzantine; its date is uncertain though it is usually ascribed to the fourth century (and can hardly be later than this)[3].





فمن الأدلة على تأخر تاريخ البشيطا هو :
( جميع مخطوطات البشيطا المكتشفة والتي يزيد عددها عن 300 مخطوط كلها من بعد القرن الخامس , لا يوجد مخطوطة واحدة للبشيطا من قبل القرن الخامس)
وهذا عدد ضخم للغاية , لا يمكن أن يكون مصادفة أن جميع هذه المخطوطات من بعد القرن الخامس .
وهذه عدة قوائم بأسماء مخطوطات البشيطا وتواريخها من 5 مصادر , منها نسخة جي وليام النقدية الشهيرة للبشيطا , وكتاب ترجمات العهد الجديد الشهير لبروس متزجر , وغيرها , ثم جدول قمت فيه بتلخص أسماء وتواريخ المخطوطات:

لن تجد اي مخطوطة في أي قائمة ترجع لما قبل القرن الخامس .

وتقول نسخة جي ويليام النقدية الشهيرة للبشيطا والمسماة ب" البشائر الأربعة للبشيطا المقدسة, Tetraevangelium Sanctum iuxta simplicem Syrorum versionem " , يتحدث المؤلفان عن نص النسخة فيقولان:
" النص اعتمد على عدد ضخم من المخطوطات من عصور مختلفة وأماكن مختلفة , تتراوح بين القرن الخامس .. إلى النسخة اليعقوبية بامتياز والمسماة بمخطوط اللورد كراوفورد المكتوبة في طور عبدين في القرن الثاني عشر."
"The Text is based on the evidence of a large number of MSS., of various ages and different localities. They range from copies of the fifth century… to such a distinctly Jacobite copy as Lord Crawford's MS., written in Tur'abdin in the twelfth century."[4]

الدراسة الحالية هدفها تقديم دليل آخر يثبت تأخر البشيطا وهو :
( كل الآباء والكتاب السريان في تلك الفترة " القرون الأربعة الأولى" حين اقتبسوا من العهد الجديد كانت اقتباساتهم توافق المخطوطات السريانية القديمة وليس البشيطا , ولو كانت البشيطا مبكرة لكانت اقتباساتهم توافقها )
تقول لجنة UBS :

"نص شرقي آخر في إنطاكية وقريبا منها , محفوظ اليوم في الشواهد السريانية القديمة وهي المخطوطة السريانية السينائية والمخطوطة الكيوريتونيانوس للأناجيل ( تكتب في الجهاز النقدي برمز syr s و syr c) وفي اقتباسات الكتاب المقدس في كتابات قادة الكنيسة السريانية إفراهاط وإفرايم من القرن الرابع ."

Another Eastern type of text, current in and near Antioch, is preserved today chiefly in Old Syriac witnesses, namely the Sinaitic and the Curetonian manuscripts of the Gospels (cited in the critical apparatus as syrs and syrc) and in the quotations of Scripture contained in the works of the Syriac Church leaders Aphraates and Ephraem in the fourth century.[5]


تنقسم المخطوطات المكتوبة باللغة السريانية للعهد الجديد والمتوفرة حاليا إلى 6 اقسام, كل قسم منها له قراءات خاصة به تختلف عن القسم الثاني وتميزه عنه , وهي :
1- الدياطسرون
2-المخطوطات السريانية القديمة vetus syra
3-البشيطا
4-السريانية الفلوكسينية
5-السريانية الهرقيلينية
6- السريانية الفلسطينية

أقدم المخطوطات المتوفرة حاليا باللغة السريانية للعهد الجديد هي رقم 2 ( السريانية القديمة) , وهما مخطوطتان تمثلان هذا القسم  :
المخطوطة السريانية السينائية من القرن الرابع
المخطوطة السريانية الكيوريتونيانوس من القرن الخامس

الآباء والكتاب السريان المتوفرين من حقبة القرون الأربعة الأولى عددهم قليل للغاية , وهم تحديدا ثلاثة " تاتيان ممثلا في الدياطسرون , إفرايم السرياني, إفراهاط السرياني " , لما نظر العلماء في اقتباسات هؤلاء العلماء
من الشواهد السريانية المبكرة الدياطسرون , نلاحظ أنه عندما تختلف المخطوطات السريانية القديمة مع البشيطا في قراءة ما فإن الدياطسرون غالبا ما يقف في صف المخطوطات السريانية القديمة , بما يعني أن الدياطسرون كان يستعمل قراءات هذه المخطوطات , ولا يقتبس من البشيطا , ونفس الشئ إفرايم وإفراهاط , بما يعني أن النص الذي كان منتشرا ومهيمنا على سوريا في القرون الأربعة الأولى هو النص السرياني القديم وليس البشيطا

الجدول التالي يوضح القراءات التي خالفت فيها المخطوطات السريانية القديمة ( vetus syra) مخطوطات البشيطا , وموقف الدياطسرون منها

الأرقام (1, 2, 3) إشارة إلى " قراءة أولى , قراءة ثانية , قراءة ثالثة" , حيث كل قراءة مخالفة للثانية
دائما قراءة الدياطسرون ما تأخذ رقم 1
عندما تجد في نفس الخانة مكتوب رقمين معا مثل  ( 2, 1) فهذا يعني أن هناك انقسام في المخطوطات فبعضها يقرأ بالقراءة الأولى والأخري بالثانية . وفي خانة  المخطوطات السريانية القديمة تحديدا فإن الترتيب له معنى , ف(2, 1) الرقم الأول يعني قراءة المخطوطة السريانية السينائية , والرقم الثاني يعني قراءة المخطوطات السريانية الكيوريتونيانوس.

اللون الأزرق :
يمثل القراءة التي اتفق فيها الدياطسرون مع البشيطا ضد السرياني القديم , وهذه القراءة في صالح أقدمية البشيطا
اللون البرتقالي  :
يمثل القراءة التي اتفق فيها البشيطا + المخطوطة السريانية السينائية (ق4) ضد الدياطسرون + المخطوطة السريانية الكيوريتونيانوس , أي القراءات التي حافظت فيها البشيطا على أقدم شكل متوفر في المخطوطات السريانية . وهي أيضا في صالح أقدمية البشيطا

اللون الأحمر :
هي القراءة التي وافق فيها الدياطسرون المخطوطات السريانية القديمة ضد البشيطا , وهي قراءة في صالح أقدمية المخطوطات السريانية القديمة

اللون الأخضر:
هي القراءة التي اتفق فيها الدياطسرون + السريانية السينائية ضد البشيطا + السريانية الكيوريتونيانوس , أي القراءات التي حافظت فيها المخطوطات السريانية القديمة على أقدم شكل للقراءة ممثلا في الدياطسرون , وهي قراءة في صالح اقدمية المخطوطات السريانية القديمة .

إجمالي عدد القراءات التي اتفق فيها الدياطسرون مع البشيطا ضد السرياني القديم = 11 قراءة
إجمالي عدد القراءات التي اتفق فيها الدياطسرون مع السرياني القديم ضد البشيطا = 19 قراءة

إذن قراءات الدياطسرون السرياني هي قراءات نص سرياني غربي قديم بنسبة 64%  

تم الاعتماد في هذا الجدول على الجهاز النقدي للجنة النقدية الدولية الشهيرة  UBS في نسختهم النقدية الأحدث  للعهد الجديد GNT5th


Aland, B., Aland, K., Karavidopoulos, J., Martini, C. M., & Metzger, B. (Eds.). (2014). The Greek New Testament: Apparatus (Fifth Revised Edition). Deutsche Bibelgesellschaft; American Bible Society; United Bible Societies.


بالطبع لا تتوفر حاليا نسخة سريانية للدياطسرون , لذا فكل العلماء يعتمدون على تفسير إفرايم السرياني للدياطسرون
لذا فنص الدياطسرون المعتمد هنا هو النص الذي يفترض أنه يمثل النسخة السريانية من دياطسرون تاتيان السرياني  وهي " النسخة السريانية من تفسير إفراييم السرياني للدياطسرون " من القرن الخامس , حيث أن النسخة الأرمينية لتفسير إفراييم المذكور ترجع للقرن العاشر ! وبينها وبين النسخة السريانية اختلافات كثيرة تدل على التعديل الذي جرى للنص عبر الزمن من أجل تحويله على اليد النساخ من نص غربي لنص لبيزنطي , لذا تم الاقتصار  في القراءات المذكورة على :
1- القراءات المدعومة باتفاق النسخة السريانية والأرمينية لتفسير إفراييم
2-عند اختلاف النسختين , فالقراءة المختارة هي قراءة النسخة السريانية لكونها الأقدم بخمسة قرون تقريبا .

ولم يتم الالتفات لنص الدياطسرون الإيطالي أو الهولندي أو اللاتيني لكونها متأخرة من جهة , وليست باللغة السريانية من جهة أخرى , ومحل البحث هو دراسة نص النسخة السريانية تحديدا من الدياطسرون .






ربما يقول قائل بأن نسبة 65% : 35% لا تعني أقدمية مطلقة لأحد النسختين على حساب الآخر , لكني أقول له بأن النقاد النصيون يعتبرون رقم 69% هو رقم كاف لتصنيف المخطوط , فلو وافق مخطوط ما القراءات الخاصة بالعائلة المخطوطية السكندرية مثلا بنسبة 69% أو اكثر فهذا كاف لاعتباره مخطوط سكندري وهكذا , بعبارة أخرى أنت لن تجد نصا سريانيا موحدا واضحا في الفترة المبكرة , في سوريا وفي غيرها , فالفترة المبكرة يتسم فيها النص بأنه مائع هلامي غير منضبط, فلا تتوقع أن تجد نصا سريانيا قديما نقيا أو نصا بيشطويا نقيا , فالتداخل في القراءات هو السمة الطاغية , لذا فالنقاد النصيون يكتفون بنسبة تقديرية ك69%.

نقطة أخرى وهي أن هذه الارقام اعتمادا على الجهاز النقدي لنسخة UBS النقدية الشهيرة وهي صاحبة أقصر جهاز نقدي , بمعنى أنه لو أتيح إجراءها باستعمال أداة نقدية أكبر ستكون النتائج في صالح النص السرياني القديم بشكل أكبر .


وبناءا عليه فهذا دليل جديد ينضاف لسلسلة الأدلة التي تثبت تأخر تاريخ المخطوطة الخبورس , إنها إحدى مخطوطات البشيطا , والبشيطا ليست قبل القرن الخامس .


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 


[2] Bruce M. Metzger .,The Bible in Translation.,Ancient and English Versions.,pg(2001).
[3] The Encyclopedia of New Testament Textual Criticism., by Robert B. W,pg 420.
[4] Ph. E. Pusey and G. H. Gwilliam, Tetraevangelium Sanctum iuxta simplicem Syrorum versionem, Oxford 1901 (Piscataway 2003),pg 6.
[5] Omanson, R. L., & Metzger, B. M. (2006). A Textual Guide to the Greek New Testament: an adaptation of Bruce M. Metzger’s Textual commentary for the needs of translators (p. xxiii). Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft.

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

سلسلة (موثوقية نص العهد الجديد| مائة شهادة بالتحريف )


موثوقية نص العهد الجديد
&

مائة شهادة بالتحريف



شرح لكتاب 

المرشد النصي للعهد الجديد اليوناني
توطئة لكتاب التعليقات النصية لبروس متزجر

بقلم روجر أومانسون


Omanson, R. L., & Metzger, B. M. (2006). A Textual Guide to the Greek New
Testament: an adaptation of Bruce M. Metzger’s Textual commentary for the needs
of translators (p. 437). Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft.


تحميل الكتاب باللغة الإنجليزية 

هنا

تحميل الكتاب مترجما بالعربية (الترجمة تتم بالتزامن مع المحاضرات)

هنا

وبحث بعنوان 

(100 شهادة بالتحريف )

تحميل البحث ( البحث يتم تحديثه بالتزامن مع المحاضرات)

هنا

فيديوهات المحاضرات

[1]

[2] ج1

[2] ج2

[3]

[4]

[5] ج1

[5] ج2

[6] ج1

[6] ج2

[7]

[8] ج1

[8] ج2

[9]

[10]

[11]

[12]

[13] ج1

[13] ج2

المحاضرات تتم بالبث المباشر على الفيس بوك على صفحة 

الإسلام هو الطريق والحق والحياة 

هنا
والحمد لله رب العالمين