لا ينسبون الاقتباسات لمصدر مكتوب
إغناطيوس كدراسة حالة
بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرا ما يتم اللجوء لما
يسمى بالاقتباسات الآبائية في دعم نصوص العهد الجديد التي تختلف فيها المخطوطات ,
ولدعم قانونية العهد الجديد ككل.
هناك مشكلات كثيرة تواجه
الاقتباسات الآبائية وقيمتها في إثبات القانونية منها :
(1)
عدم وجود دراسة مستفيضة تفرق بين ( الاقتباس- التشابه – الاقتباس المعدل
– الإشارة)
(2)
العلاقة بين الاقتباس والقانونية , هل الاقتباس يعني بالضرورة
القانونية ؟
ثم هناك مشكلة من أغرب المشكلات ,تعاني منها اقتباسات الآباء المبكرين
تحديدا( الرسوليين) حيث أنهم لا يكادون ينسبون جملة واحدة مما يشبه نصوص العهد
الجديد في كتاباتهم لمصدر مكتوب , فلا يقولون ( الكتاب المقدس يقول, العهد الجديد
يقول, الاسفار المقدسة تقول, كما هو مكتوب), بل ولا يكادون ينسبونها حتى لمصدر
شفهي , فنادرا ما يقولون ( قال الرسول ,قال الرب) ثم تجد بعدها نص في العهد الجديد
!
وهنا ينشأ سؤال :
هل كان بين أيدي هؤلاء عهدا جديدا ؟
ثم لدينا مشكلة أخرى , لا ينكر أحد وجود تشابه واضح بين الكثير من
العبارات التي استعملوها وكثير من العبارات التي نسميها نحن اليوم ( العهد
الجديد), فهناك علاقة بالتأكيد, لكن عدم نسبتهم هذه النصوص كلها ( أو أغلبها
الساحق) لمصدر مكتوب فضلا عن أن يكون مقدس , يجعلنا نتصور احتمالية أن تكون العلاقة
معكوسة , فبدلا من أن نقول : ( لقد اقتبس الأب من العهد الجديد) , يمكننا أن نقول
: ( لقد اقتبس العهد الجديد من الأب) !! أي انه لما تم تكوين نص العهد الجديد ,
كان من مصادر الإلهام التي اعتمد عليها المؤلف هي كتابات الآباء فينظر للجمل
النافعة منها ويضيفها للعهد الجديد , ومن هنا ينشأ التشابه. هذه النظرية يدعمها ( التشابه) مع ( عدم نسبة
العبارات مطلقا لمصدر مكتوب أو يكاد) على تنوع أزمنة وأماكن حياة ووفاة هؤلاء
الآباء
لكن المقطوع به أنه لا يمكن إثبات شئ اسمه العهد الجديد كان موجودا في
زمنهم .
اخترت إغناطيوس لأنه صاحب أكثر عدد من الرسائل في الآباء الرسوليين (
8 صحيحة).
يقول العالم الشهير بروك ويست كوت :
( ستري بالفعل أننا لا نتوقع أن نجد في القرن الأول أن العهد الجديد قد
تم الاقتباس منه كمصدر قانوني بنفس طريقة الاقتباس
من العهد القديم.
لم تكن هناك أي مناسبة للتحاكم
لشهادة الأناجيل عندما كان الإيمان مازال محفورا في ذاكرة الكثيرين, وأغلب الرسائل
استعمالها قليل في النقاشات )
[It will be readily seen that we
cannot expect to find in the first age the new testament quoted as
authoritative in the same manner as the old testament.There
could not indeed be any occasion for an appeal to the testimony of the gospels
when the history of the faith was still within the memory of many; and most of
the epistles were of little use in controversy.]
General survey of the history of the
canon of NT.,BY BROOKE FOSS WESTCOTT.,Chapter 1,pg48
و
يقول عن بوليكاربوس:
( الرسالة القصيرة لبوليكاربوس تحتوي علي اشارات لكتابات العهد الجديد
أكثر من أي عمل في القرن الأول, لكن جميع الفقرات – باستثناء واحدة- التي أوردها لا تذكر الاقتباس
ولا تشير إليه ).
)the short epistle of Polycarp
contains far more references to the writings of the new testament than any
other work of the first age, and still with one exception all the phrases which
he borrows are in woven into the texture of his letter without any sign of
quotation)
General survey of the history of the
canon of NT.,BY BROOKE FOSS WESTCOTT.,Chapter 1,pg33
ويقول بروس متزجر:
( باستثناء وحيد, فإنه لا يوجد اقتباس واحد لبوليكاربوس
وصفه بأنه "من الكتاب المقدس", وحتي هذا الاستثناء كما رأينا فإن البعض يعتبر بوليكاربوس اقتبسه من
العهد القديم وليس الجديد)
[With
one exception, none of Polycarp's many allusions is cited as Scripture—and that
exception, as we have seen, is held by some to have been mistakenly attributed
to the Old Testament.]
THE CANON OF THE NEW TESTAMENT Its Origin,
Development, and Significance ., B R U C E M. M E T Z G ER .,Pg62-63
رسائل إغناطيوس لها ثلاثة أشكال :
(1) نص لاتيني من القرن التاسع
(2) نص يوناني من القرن السابع
(3) نص سرياني من القرن الخامس
النص
اللاتيني أطول 3 أضعاف من النص اليوناني, وأغلب العلماء على أن النص اليوناني هو
الأصح. أما النص السرياني فهو مختصر للرسائل.
فالدراسة
اعتمدت على النص اليوناني.
توجد 18 جملة
استعملها إغناطيوس في رسائله تشبه ما نسميه نحن اليوم ( نصوص من العهد الجديد), في
جميع هذه الفقرات ال18 لم ينسبها مطلقا لمصدر مكتوب , فلم يقل مثلا :
الكتاب
المقدس يقول : ...
الأسفار
المقدسة تقول:.....
كما هو
مكتوب:.......
بل ولم
ينسبها مطلقا لمصدر شفهي , فلم يقل مثلا :
قال
الرسول: .....
قال
الرب:......
بخلاف
العهد القديم فقد استعمل 3 عبارات مشابهة لنصوص من العهد القديم , وفي اثنتين منها
نسبها لمصدر مكتوب , وهذا الاختلاف الواضح في طريقة التعامل مع نصوص العهد القديم
والعهد الجديد يثير سؤالا:
هل كان
بين يدي الآباء الرسوليين شيئا اسمه العهد الجديد؟؟
للإطلاع على باقي البحث قم بتحميله من هنا
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق