السبت، 21 أبريل 2018

الاقتباسات الآبائية ( تاريخ الأصل المفقود أم تاريخ النسخة المتوفرة)


تاريخ الأصل أم تاريخ النسخة المتوفرة ؟؟


من المشكلات التي تعاني منها ( الاقتباسات الآبائية) مشكلة :
هل سنعتبر تاريخ الاقتباس هو تاريخ النسخة الأصلية أم تاريخ المخطوطة المتوفرة ؟

مثلا يوستينوس( القرن الثاني) في كتابه الشهير ( ضد تريفو) 
أقدم مخطوط متوفر للكتاب يرجع للقرن الرابع عشر !

هل سنعتبر الاقتباسات التي به تاريخها يرجع للقرن الثاني حيث تاريخ النسخة الأصلية المفقودة ؟ أم يرجع للقرن الرابع عشر حيث تاريخ الطبعة المتوفرة ؟


فيما يلي مثال لأحد العلماء لم يسمح لنفسه باستعمال تاريخ الأصل إلا بعدما تأكد بالأدلة أن هذا الاقتباس بعينه اصلي ولم يتعرض للتعديل أثناء انتقال النص.

     وليام باترسون أراد تقديم مثال لكيفية معرفة :

( هل الاقتباس الآبائي هو اقتباس معدل أم اقتباس أصلي)
وبالتالي هلي يمكننا استعمال تاريخ الاصل المفقود أم تاريخ النسخة المتوفرة
فذكر كمثال اقتباس يوسيتنوس التالي, يقول يوستنيوس:

] ثم إنه عندما ذهب يسوع إلى نهر الأردن, حيث كان يوحنا يعمد, وعندما نزل للماء, اشتعلت نار2297 في الأردن, وعندما خرج من الماء, أشرق له الروح القدس كحمامة, كما كتب هذا رسل مسيحنا.
---------
2297 يوستينوس تعلم هذا إما من تقليد أو من كتب منحولة. ذكر النار موجود في إنجيل الابيونيين , وفي كتاب آخر اسمه ( إعلان بولس).[

 [And then, when Jesus had gone to the river Jordan, where John was baptizing, and when He had stepped into the water, a fire2297 was kindled in the Jordan; and when He came out of the water, the Holy Ghost lighted on Him like a dove, [as] the apostles of this very Christ of ours wrote.
---------------
 2297 Justin learned this either from tradition or from apocryphal books. Mention is made of a fire both in the Ebionite Gospel and in another publication called Pauli prædicatio. ]

ANF01.,Dialogue of Justin, Philosopher and Martyr, with Trypho.,Chapter 88,3.

يوسيتنوس يذكر عبارة ( اشتعلت نار في الاردن), قام باترسون باختبار صحة هذه العبارة بافتراض أولا أنها تحريف لكتابات يوستنيوس, يقول :
] ماذا يجب على المرء بحيال هذه القراءة ؟
يجب أولا اعتبارها تحريف للحوار قد وقع بين منتصف القرن الثاني – وقت تأليف يوستينوس للكتاب- والقرن الرابع عشر – تاريخ أقدم مخطوطة متوفرة للكتاب- وسنجد أنه بفحص أدلة متنوعة سنصل لنتيجة مغايرة[
 [What is one to make of this reading? One's first inclination is to regard it as a corruption which crept into the Dialogue sometime between the first half of the second century, when Justin wrote it, and the date of our oldest manuscript, the fourteenth century. Examination of the full range of evidence, however, dictates a different conclusion.]

Tatian's Diatessaron, its Creation, Dissemination, Significance, and History in Scholarship., By William L. Petersen.,pg14

 ثم قدم في الصفحة رقم 15 أدلة تثبت وجود قراءة ( اشتعال النار) في مصادر متعددة من نفس الحوض الزمني تقريبا , فقدم ما يفيد أنها موجودة عند إبيفانيوس ( قرن 4) و إنجيل الأبيونيين ( ق2) و إنجيل العبرانيين ( ق2) وأوريجانوس ( ق3) وإكليمندس السكندري ( ق2-3) و مخطوطتان من اللاتيني القديم .

فتوصل من هذا التنوع إلى أن لها جذر يضرب فيما قبل القرن الرابع , ثم بنى على هذا أن هذه القراءة  بالفعل كتبها يوستينوس وليست مزورة , وأنها تستحق أن تتمتع بتاريخ الأصل المفقود وهو ( القرن الثاني) ,حيث قال:
] بناءا على ذلك , يمكننا استخلاص نتيجة مفادها أن قراءة " النار" في الأردن جزء أصيل من نص يوستينوس , وأنه قد كتبها بيده في منتصف القرن الثاني....في هذه الحالة فإن قراءة يوستينوس هي الاصح ( بالنظر لتاريخ الاصل وليس تاريخ المخطوط) .[

[One is, therefore, justified in concluding that the "fire" in the Jordan is a genuine part of Justin's text as he penned it in the mid-second century…in this case, Justin's (in terms of datable origin, not manuscript date)-is the "best" reading.].

 Tatian's Diatessaron, its Creation, Dissemination, Significance, and History in Scholarship., By William L. Petersen.,pg16,17

الخلاصة :

 لم يسمح باترسون لنفسه استعمال القرن الثاني كتاريخ للاقتباس إلا بعدما تأكد من أنه ليس اقتباسا معدلا وأن القراءة التي به  لها جذور مبكرة.

يستفاد مما سبق ما يلي :

(1) هناك مشكلة حقيقية اسمها ( الاقتباس المعدل)
(2)هناك مشكلة حقيقية اسمها ( تاريخ الأصل أم تاريخ النسخة المتوفرة)
(3)هناك محاولات لإيجاد حلول في حق بعض الاقتباسات تصلح كمسوغ يبرر استعارة تاريخ الاصل وإعطاؤه لتلك الاقتباسات بعينها .

وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ

هناك تعليق واحد: