الخميس، 15 أغسطس 2019

عدد الاختلافات المهمة وشروط احتسابها


عدد الاختلافات المهمة وشروط احتسابها 


كنت قد نشرت قبل ذلك مقالا عن عدد الاختلافات المهمة , يمكن الاطلاع عليه هنا  , اليوم بإذن الله تعالي سأذكر ضوابط يجب مراعاتها (شروط) قبل احتساب عدد الاختلافات المهمة :

1-    يجب تحديد تعريف الاختلاف المهم ,  لأي شئ هو مهم ؟ هل نريد احتساب الاختلافات التي لها دور  في تحديد العلاقات بين المخطوطات وتحديد العائلة النصية الأفضل مثلا؟

أم هي الاختلافات المؤثرة على العقيدة ؟

 ولو كانت كذلك فهل القراءة المهمة هي ( القراءة التي لو حذفتها أدى ذلك لاختفاء كل شواهد عقيدة ما, أو اضفتها أدى ذلك لزراعة عقيدة جديدة) , أم هي ( القراءة التي تثبت مجرد وجود محاولة تغيير متعمد بدافع عقائدي من النساخ)؟

أم هي ( القراءة التي تثبت وجود محاولة تغيير متعمد ثم نجحت في الدخول لنسخ الكتاب بشكل كبير أو صغير)؟

 التعريف الأول يرضى بوجود ( بعض التحريفات في نص العهد الجديد) لكن طالما أنها لم تؤدي إلى اختفاء عقيدة معينة بكامل شواهدها أو اختلاق عقيدة معينة بكامل شواهدها , إذن هي تحريفات غير مهمة , بل هي ليست تحريفات إذن .

مشكلة هذا التعريف أنه يفترض صحة النصوص الأخرى لمجرد أنه لا يوجد عليها خلاف بين المخطوطات , فهي متفق عليها بين المخطوطات , لكن هذا الافتراض خاطئ لأن الاتفاق لا يعني الصحة , بدليل أن الأغلبية الساحقة من القراءات التي حكمت عليها النسخ النقدية حكما مؤكدا أنها مزورة كانت هي القراءات المتفق عليها بين جميع المخطوطات تقريبا منذ القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر  بل وامتد الاتفاق إلى عصر الطباعة فهي القراءة المتفق عليها بين كل النسخ المطبوعة تقريبا إلى القرن التاسع عشر !

كمثال : خاتمة إنجيل مرقس , موجودة في جميع المخطوات وجميع النسخ المطبوعة منذ القرن الخامس الميلادي إلى القرن التاسع عشر , 1500 سنة , ورغم ذلك أكدت كل النسخ النقدية على عدم أصالتها !!

إذن الاتفاق للا يضمن الصحة , ونحن أسرى تحت رحمة الرمال , ما جادت به علينا عرفناه .

 التعريف الثاني سيقوم باحتساب أي محاولة تغيير متعمد سواء نجحت في اقتحام نص العهد الجديد أم لا ,أم نجحت جزئيا فقط , وسواء شملت جميع النصوص التي تدعم عقيدة ما أم شملت بعضها فقط

وبهذا سيتغير العدد النهائي للاختلافات المهمة بناءا على مقصودك من (مهمة).
وهذا هو التعريف الصحيح في رأيي , لأنه يحقق الهدف من قيامنا بتحديد عدد الاختلافات المهمة , لماذا نسعى لتحديدها ؟
الجواب : لأثبات مدى موثوقية النص من عدمه , وبالتالي إذا ثبت أن النساخ كانوا يحبون التلاعب وبكثرة , ونجحوا في التلاعب بشكل كامل في بعض القراءات وبشكل جزئي في بعض القراءات , ألا يثبت هذا هشاشة النص ؟ وهو المطلوب إثباته , فالصواب تحديد عدد الاختلافات المهمة وفقا لعدد محاولات التغيير المتعمد, لكن ليس المتعمد فقط وحده هو ما ينبغي احتسابه , كما سترى

2-    يجب حذف النصوص التي لا قيمة لها , ثم بعد ذلك قسمة (عدد الاختلافات المهمة ) على (عدد النصوص المهمة) , ستجد الناتج قد ازداد , لأن النساخ لن ينشطوا لتحريف نصوص عديمة الفائدة , بل شغلهم الشاغل سيكون منصبا على النصوص المؤثرة .

فمن هو الناسخ الذي سيهتم بتحريف نص من نوعية (11وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ أَقْلَعْنَا فِي سَفِينَةٍ إِسْكَنْدَرِيَّةٍ مَوْسُومَةٍ بِعَلاَمَةِ الْجَوْزَاءِ كَانَتْ قَدْ شَتَتْ فِي الْجَزِيرَةِ) ما الذي سيفيدنا من اللوجو الذي وسمت به السفينة ؟
أو نصا من نوعية (سلِّموا على بريسكلا)

3-    يجب الانتباه للفارق بين عدد (وحدات الاختلاف) المهمة , و (القراءات المختلفة المهمة) , فمثلا خاتمة إنجيل مرقس بها 6 قراءات رئيسية مختلفة , هذه جميعا تسمى مجتمعة (وحدة اختلاف) واحدة فقط = variation unite = مشكلة نصية , لكن كل قراءة من الستة تسمى قراءة = variant reading
فهل الناقد عند ذكره للرقم كان يقصد (عدد وحدات الاختلاف المهمة= عدد المشكلات النصية ) أم (عدد القراءات المختلفة المهمة ) لأن الرقم سيتأثر بشدة

4-    يجب الأخذ في الاعتبار الأخطاء العفوية الغير مقصودة لكنها مهمة في نفس الوقت , مثل أن يقوم أحد النساخ بحذف فقرة بالخطأ بسبب النهايات المتشابهة مثلا , مثل هذه الأخطاء غالبا ما تتجاهلها النسخ النقدية , لكن ماذا لو تم نسخ القراءة الخاطئة ؟ ماذا لو انتشر هذا الخطأ في 20 مخطوطة من أماكن مختلفة من العالم ؟ أليس لهذا دلالة خطيرة ؟ إنه يدل على عدم ضبط المسيحيين لنص كتابهم بدليل عدم انتباه الكثير منهم  للأخطاء بحيث أن الخطأ يتم نسخه دون وعي وعلى نطاق واسع , وطالما لم يحم الانتشار الكتاب من نسخ نفس الخطأ العفوي في كثير من المخطوطات فإنه لن يحمه من دخول التحريف المتعمد, لكن مثل هذه القراءات يتم تجاهل احتسابها في أغلب الأحيان


5-    يجب احتساب القراءات الناتجة عن أي تغيير مقصود متعمد مهما كان عدد الشواهد الداعمة لها , حيث أن أغلب النسخ النقدية لا تذكر القراءة إذا كانت مدعومة بمخطوط وحيد فقط حتى ولو كانت مهمة .


وبناءا عليه فضابط تعريف الاختلاف المهم يجب أن يكون :

(أي اختلاف يثبت هشاشة حالة مخطوطات العهد الجديد , وعدم انضباط النساخ وعدم أمانتهم)

وبناءا على هذا فالاختلاف الهام هو :
( أي تغيير يثبت عجز جميع المخطوطات أو بعضها عن حماية نفسها من التغيير المتعمد أو من تكرار نفس الخطأ العفوي)


والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق